منتدى مجلة الفنون المسرحية
مرحبا بكم في منتدى مجلة الفنون المسرحية : نحو مسرح جديد ومتجدد

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى مجلة الفنون المسرحية
مرحبا بكم في منتدى مجلة الفنون المسرحية : نحو مسرح جديد ومتجدد
منتدى مجلة الفنون المسرحية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» كتاب "الإخراج المسرحي " تأليف د. جميل حمداوي
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1السبت 30 مارس 2024, 12:20 am من طرف بلحول واسيني

» الهيئة العربية للمسرح تعلن قائمة العشرين في مسابقة تأليف نصوص الكبار 2023 ثلاثة وعشرون كاتباً أحتلت نصوصهم
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1الخميس 23 نوفمبر 2023, 4:43 am من طرف الفنان محسن النصار

» الهيئة العربية للمسرح تعلن قائمة العشرين في مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال من سن 6 إلى 18 سنة، في العام 2023 (النسخة 16) واحتل ثلاثة وعشرون نصا مسرحيا المراتب العشرين الأفضل
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1الخميس 23 نوفمبر 2023, 4:30 am من طرف الفنان محسن النصار

» فتح باب المشاركة في ملتقى بابل الدولي لفنون الشارع الدورة الرابعة مارس 2024
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1الثلاثاء 21 نوفمبر 2023, 1:00 am من طرف الفنان محسن النصار

» اختتام مهرجان اللواء الأخضر للمسرح الثنائي في دورته الأولى في اليمن
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1الثلاثاء 21 نوفمبر 2023, 12:57 am من طرف الفنان محسن النصار

» اختتام مهرجان اللواء الأخضر للمسرح الثنائي في دورته الأولى في اليمن
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1الثلاثاء 21 نوفمبر 2023, 12:57 am من طرف الفنان محسن النصار

» عرض مسرحية " عودة ترشيد " لفرقة مسرح العائلة في الشارقة
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1الثلاثاء 21 نوفمبر 2023, 12:54 am من طرف الفنان محسن النصار

» اسماعيل عبدالله :المهرجان في دورته الجديدة منصة مفتوحة للإبداعات العربية الأفضل والأجود
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1الأحد 15 أكتوبر 2023, 10:20 pm من طرف الفنان محسن النصار

» "من أجل الجنة إيكاروس" من مصر يفوز بجائزة أفضل عرض مسرحي في الدورة الثلاثين من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي
التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Icon_minitime1الثلاثاء 12 سبتمبر 2023, 11:05 pm من طرف الفنان محسن النصار

مكتبة الصور


التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Empty
مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 

اليومية اليومية

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 


تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط المسرح الجاد رمز تفتخر به الأنسانية على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى مجلة الفنون المسرحية على موقع حفض الصفحات

مجلة الفنون المسرحية
مجلة الفنون المسرحيةتمثل القيم الجمالية والفكرية والفلسفية والثقافية والأجتماعية في المجتمع الأنسانيوتعتمد المسرج الجاد اساس لها وتقوم فكرة المسرح الجاد على أيجاد المضمون والشكل أو الرؤية؛ لكي تقدم بأفكار متقدمة من النواحي الجمالية والفلسفية والفكرية والثقافية والأجتماعية وتأكيدها في المسرحية ، وكلمة جاد مرتبطة بالجدية والحداثة التي تخاطب مختلف التيارات الفكرية والفلسفية والسياسية والعقائدية. بدأ المسرح كشكل طقسي في المجتمع البدائي ، وقام الإنسان الذي انبهر بمحيطه بترجمة الطقس إلى أسطورة ، ولتكون الصورة هي مقدمة للفكرة التي ولفت آلية الحراك العفوي ، ثم الانتقال بهذا الحراك إلى محاولة التحكم به عبر أداء طقوس دينية أو فنية كالرقص في المناسبات والأعياد, وولادة حركات تمثيلية أداها الإنسان للخروج عن مألوفه .. وأفكار التقطهاوطورها فيما بعد الإغريق وأسسوا مسرحهم التراجيدي ، ومنذ ذلك الحين والمسرح يشكل عنصرا فنيا أساسيا في المجتمع ، ويرصد جوانب مختلفة من الحياة الأنسانية ، ومع كل مرحلة نجد أن المسرح يواكب تغيراتها وفق رؤى جدية غير تقليدية ، و تبعا للشرط ( الزمكاني ) شهد هذا الفن قدرة كبيرة على التجدد من المسرح التراجيدي الكلاسيكي الى الرومانسي والى كلاسك حديث إلى الواقعي والطبيعي والرمزي والسريالي واللامعقول ومسرح الغضب ، والسياسي وفي كل مرحلة من مراحل تطور المسرح تحمل بدون شك بعدا جديا وتجريبياً تتمثل إشكاليات تلك المرحلة وتعبر عن ظروفها الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية , المسرح الجاد يؤكد قدرة المسرح على أستيعاب التجارب السابقة وإعادة صياغتها ، نحو الحداثة والخروج من العلبة الإيطالية إلى الفضاء المفتوح ، وتناول عناصر العرض المسرحي التي وضعها ستانسلافسكي ( التكامل والتوازن بين الكاتب والمخرج والممثل والجمهور) بطرق جديدة وبما أن أهم سمة في المسرح الجاد هي المعاصرة نحو التحولات المعرفية والتي هدمت كثيرا من الحواجز و كانت مقدمة لولادة الأفكار المعرفية الكونية ، فأثبت المسرح الجاد وجوده ليواكب الحداثة بكل مكوناتها ، و أثبت وجوده في العالم كله ، خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين ، حمل شرف ولادة مسرح اللامعقول على يد يوجين يونسكو وصموئيل بيكت وفرناندوا أرابال .. هو مسرح الكل بامتياز أوربي – عربي – أمريكي.. الكل ساهم ويساهم في تطويره ووضع خصائصه .. و يمتاز المسرح التجريبي بتجاوزه لكل ما هو مألوف وسائد ومتوارث و الإيتان التجريبي إمكانية تجاوز الخطوط الحمراء البنوية والشكلية من خلال ( جسد ، فضاء ، سينوغرافيا ، أدوات ) .. ومنها : - تفكيك النص و إلغاء سلطته ، أي إخضاع النص الأدبي للتجريب ، والتخلص من الفكرة ليقدم نفسه يحمل هم التجديد والتصدي لقضايا معاصرة ويوحد النظرة إليها عبر رؤيا متقدمة ،أو على الأقل رؤيا يمكننا من خلالها فهم ما يجري حولنا عبر صيغ جمالية وفنيةوفلسفية ، لكنها في جوهرها تمثل جزءا من مكاشفة يتصدى لها المسرح كفن أزلي باقٍ مادام الإنسان موجودا . السينوغرافيا والفضاء المسرحي ويتأتى دور التعبير الجسدي في توصيل الحالة الفنية وكأن الحركة هي اللغة التي يضاف إليها الإشارات والأيحاءات والعلامات والأدوات المتاحة لمحاكاة المتفرج .. أسئلة مطروحة أمام المسرح الجاد : تقف أمام المسرح الجاد كثير من الأسئلة ، ويحاول المسرحيون تجاوزها عبر المختبر المسرحي ، ومن هذه الأسئلة : لماذا لا تكون اطروحات العرض أكثر منطقية عبر توظيف عناصر العرض وفق توليفة متكاملة للغة والحركة والإشارة والعلامة ؟ لماذا لا يستفيد من التراث الشعبي ؟ ماذا عن الغموض ؟ - لماذا القسرية في إقصاء الخاص لصالح العام ؟ وهل يمكن أن ينجح ذلك ؟ - ماذا عن اللغة ؟ وهل هي عائق أمام انتشاره العالمي ؟ يبقى المسرح الجاد تجريب لضرورة من ضرورات الحياة بمجملها ، والمسرح يطرح أسئلة كبيرة وهذه إحدى مهامه الأساسية ، ويعكس إلى حد كبير الهواجس التي تعتري باطن الإنسان قبل ظاهره ، ورغم الأسئلة المطروحة وجديتها ، تجد المسرحية أفكارا وفلسفة للنص ،وبالتالي خلق فضاء أوسع للأداء عبر صيغ جمالية مؤثرة ذات دلالة معبرة .. كما توظف الإضاءة والحركة والموسيقى والرقص على حساب النص , المخرج هو المحور في العرض , الممثل هو أداة في تشكيل العرض الحركي . .
تصويت

التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر

اذهب الى الأسفل

01042016

مُساهمة 

التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر Empty التقاليد والتجديد في المسرح العربي المعاصر




التقاليد والتجديد
في المسرح العربي المعاصر
مايزال المسرح العربي يبحث عن صوته الذاهب في معضلة الصراع بين التقاليد والتجديد التي أفضت منذ طلائع النهوض القومي في القرن الماضي إلى هاجس يؤرق المثقفين والمسرحيين العرب، وقد أنجب هذا الهاجس المؤرق الكثير من التجارب والمحاولات، والقليل من الإنجازات في إطار شاغل دال على القلق المتصل إلى وقتنا الحاضر، وأعني به: هوية المسرح العربي( ).
 
-1-
ثم صار هذا الهاجس إلى حساسية نامية فعلت فعلها في تطور الحركة المسرحية مما جعل المسرح يتبادل التأثير، وغالباً على نحو مباشر، مع الحياة السياسية والاجتماعية العربية. وعبثاً يستطلع المرء ملامح الحركة المسرحية بمعزل عن حاضنتها الاجتماعية والثقافية، فقد امتزج حلم المسرح بأمل تحقيق الذات العربية، وغدت شواغل الوجود العربي في تطلع رجال المسرح إلى نهوض مسرحي يواكب النهوض القومي، ولاسيما مساعيه الوظيفية، حيث ارتبطت قضية التأصيل بإلحاح ملفت للنظر بقضية المعاصرة. وهكذا، واجه المسرحيون العرب مشكلة بناء مسرحي متكامل المصادر والطبيعة والوظيفة في أرض انقطعت عنها التقاليد منذ زمن طويل، وافتقدت صورة مسرحها التاريخي بعد ذلك، لذا، أصبحت استعادة تلك الصورة القديمة في أساس إشكالية التجديد المرجو. إن حاضر المسرح العربي اليوم هو نتاج إشكالية تاريخية ونقدية استنفرت خلال أكثر من مائة عام المجهود المسرحي في التراث العربي وتراث الإنسانية على حد سواء بقصد الإجابة عن سؤال تأصيل الظاهرة المسرحية الملحاح: هوية المسرح العربي.
 
فأي تقاليد للمسرح العربي؟ وأي تجديد؟ أين ظهورها واختفاؤها؟
لعلنا نتابع البحث نفسه في تلك التجارب والمحاولات الكثيرة، وفي تلك الإنجازات القليلة.
 
-2-
تظهر التقاليد المسرحية في جماع العمل المسرحي: في الأدب المسرحي وعلى خشبة المسرح، وفي رأي غالبية المسرحيين العرب أن المسرح العربي يكتشف أرضه بسرعة ويتطور، إلا أنه تطور غير مرض. لقد جرى الإقرار تصريحاً أو تلميحاً بتواضع الحركة المسرحية العربية تمهيداً للإقرار بحاجة المسرح العربي إلى تقاليد راسخة تجعل من مسألة تطوره وتكوين شخصيته المستقلة بعد ذلك أمراً مقضياً. يقول ألفريد فرج:
«نحن لا يمكننا أن نكون قانعين بما أنجزه المسرح العربي، ونود أن نواجه مشكلاته الحقيقية في سبيل إرساء هذه التقاليد المكونة لشخصيته. لقد خطا المسرح العربي خطوات صنع بها تقاليد أو صنع بها قدراً من التقاليد، ولكني أحب أن أحدد حجم هذه التقاليد وإيجابيتها بحجم الجمهور الذي استطاع أن يجتذبه وأن يؤثر فيه. أي بمقدار ما يحقق فن المسرح حضوراً في المجتمع». ويؤكد الطيب العلج أننا بصدد البحث في هوية. ويجب أن نقف وقفة تأمل عند واقعنا الحاضر، فلا نبخس أشياءنا، ولا نغبن إبداعنا، فمسرحنا بالقياس إلى عمره الزمني القصير يمكن أن نقول وبلا غرور: إنه طامح جامح، وبكل خير. ويرى وليد إخلاصي أنها مرحلة تجريب وعلينا أن نتكلم في العقل المسرحي أو العمل المسرحي المعروض، والتجريب المستمر سيقود إلى التفرد. ويقول هاني صنوبر:
«طبعاً لا، لم يستطع المسرح العربي المعاصر أن يرسي تقاليد لهوية المسرح العربي».
 
ويلاحظ فرحان بلبل أن من الادعاء القول بالإيجاب لأن التقاليد لا تنشأ إلا من خلال تراث مسرحي عريق، ونحن أمة ما تزال جديدة على هذا الفن، وما زال كتّابنا وممثلونا ومخرجونا يفتشون عن أنفسهم من خلال العمل المسرحي. ويؤكد جمال أبو حمدان الآراء إياها مؤيداً أن تجربتنا ما زالت حتى الآن غير عربية في المسرح، ثم يؤثر العودة إلى المقولة التي تفترض تكاملاً اجتماعياً عربياً يعزز ثقافة عربية أصيلة، وفي سياقها مسرح عربي أصيل. أما رشاد أبو شاور فلا يرى هناك أهمية لاستحداث شكل مسرحي عربي، «لأن المهم هو الاستمرار في البحث والتجريب الجاد والالتحام بحياة الأمة».
 
ولكن هل الصورة مخيفة إلى هذا الحد؟
تشير آراء المسرحيين العرب، كما هي الحال في واقع التجربة المسرحية العربية، إلى ثلاثة تيارات تحيط بآفاق النهوض المسرحي المرتجى، وتستند في الوقت نفسه إلى موروث أو تراث حديث في الممارسة المسرحية العربية، الأول يدعو باستمرار إلى أشكال مسرحية عربية كانت في الظاهرة المسرحية المتواترة في الشعائر والتقاليد والمأثورات والأدب، وبرز هذا التيار فعالاً ومؤثراً في الستينات ومطلع السبعينات في المغرب وتونس ومصر، ومن ممثليه الطيب الصديقي وألفريد فرج وعز الدين المدني ومحمود دياب والطيب العلج وعلي الراعي.
 
والتيار الثاني لا يرى فائدة تذكر في نبش الماضي، وعلينا أن نرسخ استخدام الشكل المسرحي السائد في الغرب بوصفه شكلاً عالمياً ونتاجاً حضارياً سارت عليه الشعوب، وماتزال. ومن أبرز ممثلي هذا التيار صلاح عبد الصبور الذي كتب مقالات عديدة تأييداً لدعوته، وجمهرة عريضة من المسرحيين في لبنان عبر الممارسة.
 
والتيار الثالث اتجه إلى عناصر المسرح باعتباره «فرجة» ووسيلة اتصال جماهيريةأصلاً، فمن المفيد أن يخلق المسرح العربي تقاليده أثناء التجربة التي لابد أن تصقل جوهر الظاهرة المسرحية، وهذا واضح في أعمال فنانين وفرق عربية معتبرة في سورية ولبنان وتونس والمغرب والعراق مثل روجيه عساف (مسرح الحكواتي) وسعد الله ونوس، والفاضل الجعايبي ورفاقه (المسرح الجديد) وعبد الكريم برشيد (الواقعية الاحتفالية) وقاسم محمد. إلا أن العديد من هذه التجارب لم ينجز تقليده المسرحي معتمداً على عرض أو موسم ثم ينتاب عمله الخذلان والكسل أو اليأس.
 
والحق، أن أزمة التجديد في هذه التجارب من فكرة الاختبار المسرحي مع الجمهور الذي من شأنه أن يقود إلى تثمير لغة الاتصال الفكري والفني ويضمن التأثير والإقناع في قلب المتعة والتشويق، فكثرت «توابل» التشكيل المسرحي إلى حد «الفقر» حيناً، وإلى حد «الإبهار» حيناً آخر، مما أدى إلى معاناة شديدة ظهرت جلية في الأمرين التاليين:
1) غربة اللغة حيث يكتفي العرض بالاستطراد اللغوي والتراكم المشهدي المستمد من اتساع اللهجة العامية في هذا القطر أو ذاك، ومن أكوام السرد لنظرة تجزيئية تعالج الواقع خلل الاعتماد الكلي على «الإحالات» إلى تاريخ ثقافي وسياسي موغل في محليته، ومبالغ في تجريبيته، مما لا يتيح معه المجال لجمهور أوسع في التواصل مع الخبرة المسرحية التي تنهض على مخزون التجربة البشرية بعد ذلك.
 
2) غربة المسرح عن طبيعته، فالمسرح أولاً وأخيراً، هو شيء صالح للتمثيل أي التشخيص، وما رأيناه في هذه التجارب لا يتعدى «التوليف» بين عناصر متعارضة أحياناً، ولا تتعدى مبالغة الإيهام في نفي الصفة المسرحية بقصد إعادة نظرة شاملة في شروط التلقي سواء بالنسبة للممثل أم المخرج أو المؤلف أو الجمهور.
لكن واقع التجربة المسرحية العربية هو حصيلة الاتجاهات الفكرية التي كان لها تأثيرها البالغ على البحث في تأصيل المسرح العربي المعاصر. وهنا سنكمل النظر في حاضر المسرح العربي اليوم ثم ننتقل إلى شؤون التأصيل والمثاقفة وشجونها.
 
-3-
يشير أغلب دارسي المسرح العربي ومؤرخيه إلى بدايته الحديثة في منتصف القرن التاسع عشر، وهذه البداية تعني بالضرورة المسرح حسب تعريف الدراما الغربية. وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، شهدت دور العرض نشاطاً ملحوظاً للفرق الفنية التي كان المسرح بعض برامجها حين يضاف إلى مجموع فقرات العرض، ويكون اقتباساً أو إحياء لحكايات التراث العربي، بمرافقة الموسيقا والغناء والرقص( ). أما الكاتب المسرحي، والذي به تنتعش الحركة المسرحية فكان نادراً، وهذه القلة القليلة من الكتّاب اتجهت إلى الأدب المسرحي ضمن دفتي كتاب وحده( ).
 
ومع مطلع الخمسينات، أنجبت الحركة المسرحية كتّاباً ومخرجين وممثلين ومترجمين وفنيين، وكان لرعاية الدولة في الأقطار العربية مكانة كبيرة في تشجيعها كي تصبح معبّرة حقاً عن الواقع العربي الحديث.
 
ويفيدنا هذا التشخيص العجول في أن مجاري المسرح العربي متعددة ومتعثرة في آن واحد، ففي كل قطر عربي ثمة حركة مسرحية تعاني من الانفصال أو الخذلان. بينما يشير واقع الحال إلى اتصال هذه الحركة وتماثلها في مواجهة المشكلات القائمة وفي إرادة التطور. وسنختار في هذه المقالة أبرز ملامح الظاهرة المسرحية العربية المعاصرة في السبعينات لنستخرج منها عناصر الصراع بين التقاليد والتجديد.
 
-4-
شغلت المشكلة الاجتماعية غالبية كتّاب المسرح العربي على اختلاف مواقعهم وأساليبهم، بل أن هذه المشكلة بعينها لتعتبر الأساس في برنامج عمل المسرحيين العرب بعد الحرب العالمية الثانية عموماً، ومع منتصف الخمسينات على وجه الخصوص، وقد كانت بمثابة رد فعل للكتابات المسرحية السابقة، الفكرية المجردة عند توفيق الحكيم، والفكرية عند بشر فارس وسعيد عقل، والفكرية الدينية عند علي أحمد باكثير، والفكرية الأخلاقية عند عزيز أباظة وخليل الهنداوي، ومن نهج نهجهم. صحيح أن ضمور الحركة المسرحية وارتماءها في أحضان العرض المسرحي التجاري الهزيل الذي يضمن شباك التذاكر بالدرجة الأولى، كان سبباً رئيساً أيضاً في الحملة الشعواء التي قادها الكتّاب الجدد آنذاك، إما بدافع الالتزام بواقع الطبقات الفقيرة، أو الشعور بالتخلف الحضاري الشمل، أو الإيمان بعقيدة وجدت المسرح منبراً للدعاوة، وقد كانت سنوات الخمسينيات ميداناً فسيحاً لصراع الأيديولوجيات في ظل نمو الحركة القومية وهزيمة الاستعمار وتراجع الاستعمار الجديد. ففي مصر العربية، رافق إنجاز تأميم قناة السويس، نشوء الجيل الثاني من كتّاب المسرح المصري مثل نعمان عاشور ويوسف إدريس ورشاد رشدي وسعد الدين وهبة وألفريد فرج وعبد الرحمن الشرقاوي وصلاح عبد الصبور ولطفي الخولي، وفي سورية ظهرت مع الثورة طلائع المسرح الجديد مثل علي كنعان ووليد إخلاصي وعلي عقلة عرسان وسعد الله ونوس ومحمد الماغوط. وفي الجزائر، شهدت حركة الاستقلال ولادة رجال مسرحيين وكتّاباً مرموقين مثل كاتب ياسين.. الخ. فانتقلت الحركة المسرحية شيئاً فشيئاً بريادة الكتّاب الجدد من المشكلة الاجتماعية إلى القضية الوطنية، أو بتزواجهما أحياناً، ثم ازداد الحس النقدي باتجاه التقدم الاجتماعي والتحرر الوطني مع الوعي السياسي لهؤلاء الكتّاب أنفسهم، حتى أن بعضهم كان تمكنه الفني والفكري يترسخ مع تعدد محاولاته وتجاربه، وربما كان هذا النمو ذا صلة بالواقع السياسي والاجتماعي حيث يرتبط الفنان اليوم بحياة شعبه ارتباطاً وثيقاً، وبخاصة في حال المسرحيين العرب كما أسلفنا، وقد نجم عن هذا النمو عدة مسائل تكاد تغطي المشهد المسرحي العربي المعاصر، وفي مقدمتها انتعاش المسرح النقدي أو الانتقادي باعتباره وجهاً من وجوه المسرح السياسي، والصحي، وأن السمة الغالبة على حركة المسرح العربي في العقدين الأخيرين هي مباشرة العمل الفني لصالح الأهداف السياسية، وهذا ما يفسره تنشيط مسرح بريخت وبيتر فايس وكليفورد اوديتس ودورينمات وماكس فريش وسارتروكامي وكارل تشابك وشفارتس، وهم جميعاً أصحاب مسرح قضية. لقد تنازع المسرح العربي طغيان الأفكار من جديد في تغليب الهدف على طبيعة العمل الفني دون أن يرتبط هذا كله بالتأصيل مما أدى إلى ما يشبه الانفصام بين العرض والنص والجمهور والثقافة المسرحية.
 
-5-
حين كتب سعد الدين وهبة مسرحية «المسامير» وسعد الله ونوس مسرحية «حفلة سمر من أجل 5 حزيران» قيل آنذاك أنهما صدى مباشر للنكسة، والحقيقة أنهما لم تكونا أكثر من ذلك، ويبدو من قبيل الادعاء القول إنهما تحتفظان بأكثر من هذا التقدير، فليس فيهما أكثر من «تنفيس» للكرب العربي من فعل النكسة. إن المباشرة بدعوى التسييس أو الالتزام، وما يشبه ذلك من مزاعم قيام المسرح بدوره الحقيقي، تبدو باطلة، وكأن المسرح بلا دور أو وظيفة حتى جاءت النكسة، فمنحت مسرحيين عاديين امتيازات خاصة في مجموع الثقافة العربية، مما أوقع المزيد من الخلخلة في إنجاز تقاليد للمسرح العربي، وحين تسود الفوضى تختلط القيم، ولا تنبت سوى الأشواك.
أما أبرز وجوه المباشرة فهي استمرار مسرح الأفكار بأساليب أخرى عبر تحويل واقع الحال إلى مجرد افتراضات من شأنها أن تنفي التاريخ وتعطل الفعالية الإنسانية، وهذا واضح لدى غالبية الكتّاب في تونس ومصر والعراق وسورية.
يرى رشاد رشدي في مسرحيته «بلدي يا بلدي» على سبيل المثال أن أسباب النكسة تعود إلى الجدار القائم بين القائد والشعب، ومن افتراض آخر، يرى سعد الدين وهبة في «سكة السلامة» أن تحالف قوى الشعب العامل هو المقدمة الأولى للبناء والتحرير ومن افتراض ثالث، يرى يوسف إدريس في «المخططين» أن «الخطأ يكمن في النظم الشمولية لرفض مساوئ التطبيق. ومن افتراض رابع، لا يرى محمد الماغوط إلا العتمة فتتحول الشخوص إلى أشباح ورموز في «العصفور الأحدب».
لقد وجدت هذه الافتراضات لدى أغلب المسرحيين ميلاً غريباً، فأصبح عدد المسرحيات المماثلة وافراً. وهذا التقليد في الالتفات عن منبع الواقع إلى ميدان الافتراضات، دفع بأبناء الجيل التالي إلى السير على هذه الخطى كما هو الحال مع محمود دياب وعادل كاظم وعلي سالم ورياض عصمت ووليد إخلاصي الذين لا نجد في كتاباتهم إلا «أطلال» الواقع أو صوره الشائهة. فمن افتراض، يؤكد محمود دياب في «باب الفتوح» إن بناء الإنسان قبل بناء الوطن، وأن تحرير الإنسان قبل تحرير الأرض. ومن افتراض آخر، يؤكد ميخائيل رومان في «ليلة مصرع غيفارا العظيم» أن عطب الثائر المعاصر يعني عطب الثورة المعاصرة. إن ما أضعف الفعل المسرحي هو هذه الافتراضات التي تؤثر سلباً على استنبات التقاليد المسرحية.
 
-6-
ينطلق المسرحيون في لبنان من أرضيات سياسية محددة كما هو مع جلال خوري وعصام محفوظ وروجيه عساف. وفي حماسة اتصالهم بطبيعة العمل المسرحي ينجحون، حيث الكاتب قائد في عملية العرض المسرحي، ولكن أعمالهم لا تملك فضيلة المتابعة، فلا تؤسس لتقاليد بعد ذلك. على أننا لا نستطيع أن نغفل عن أهمية المجهود المبذول في استمرار تقاليد المسرح من الرواية ومعطيات الجماعة في اللقاء والتخاطب والتفكير وآلية الفعل ورد الفعل، أي استمداد حلول فنية من حياة الشعب وأساليب تواصله من شؤونه المختلفة وتأدية ذلك في سياق مسرحي ينشد الإقناع. وقد تجلى هذا في عمل فرقة روجيه عساف «حكايات من عام 1936»، بينما تعاني أعمال جلال خوري «سوق الفعالة» و«جحا في القرى الأمامية» من ذكاء الاتصال بالجمهور. إنه يعتمد على تجربة بريخت المسرحية بقصد التواصل الحي مع الصالة ولكن سعيه إلى التعليم أصيب بالاختناق لخلو عروضه من الشعر الغزير أساساً في روح موقف بريخت من العالم، وهو ما استدركه في عرضه الأخير «زلمك يا ريس» مراهناً على ذكاء الناس.
 
يزاوج عصام محفوظ وفي أعماله «الديكتاتور» و«كارت بلانش»و «لماذا رفض سرحان ما قاله الزعيم فرج الله الحلو في ستيريو 71» و«سعدون ملكاً» بين مباشرة السياسة ونداء الفن، ولكن مسرحياته لا تخرج عن الجدليات المثالية، وهي تنازع التغير في البحث عن معنى في فوضى القيم. وهذا ما دعاه في السنوات الأخيرة إلى دراسة التجربة المسرحية العربية ومراجعة تجربته. وهكذا تتيح الحركة المسرحية في لبنان أفقاً أرحب لرؤية عناصر التقاليد والتجديد في الممارسة.
 
-7-
الطابع الأوحد لأعمال كتّاب المسرح في سورية هو لصوقها بالقضايا الطارئة التي تتسع لتشمل قضايا الوطن والمجتمع والإنسانية. هناك غلبة للتجارب الموصوفة وغير الموصوفة، وقلة من المسرحيين الذين يعملون بصبر وثقة، ففي وسط هذا الجو المحموم يعاد النظر في قضية المسرح عموماً، والاقتراب من أفضل السبل للحديث مع الجماهير عن مسرحها المفيد فتنمو زهرات تغالب عفن الواقع وتحيا. وفي هذه الانطلاقة الجديدة يصبح الواقع أرض الرؤية المسرحية نحو التقليل من شأن المباشرة بوصفها همَّاً ثقيل الوطأة على تطور الحركة المسرحية.
 
يوازي سعد الله ونوس في «سهرة مع أبي خليل القباني» بين النضال الوطني من أجل التحرر والاستقلال ونضال أبي خليل القباني من أجل قيام مسرح عربي، ولقد كان عصام محفوظ على حق حين عدّ نضال أبي خليل القباني صلباً للمسرحية، إلا أن إلحاح المباشرة جرّه لإيراد الخطوط العامة للنضال القومي في أواخر القرن التاسع عشر.
ويتناول فرحان بلبل في «العشاق لا يفشلون» أكثر من موضوع في أكثر من حبكة، وهذا في جوهره إلحاح مباشر. ثم تجاوزت رياح المباشرة المألوفة، فكان المسرح النقدي الذي لبى بادئ الأمر رغبة صادقة في التصدي للأوضاع العربية الراهنة بعد النكسة، ولكن تجار المسرح موضة الصالات والتجمعات الفنية التي لا تثبت للزمن فغلب التوجه النقدي للمشكلات الصغيرة بعد نقد الإرهاب السياسي، وفي الحالين، لا يقدم المسرح الحقيقة للجماهير، وقد يفرغ شحنة إحساسها بمنغصات الحياة دون أن يبنيها البناء المطلوب. وهذا هو حال مسرح دريد لحام وبقية الفرق الخاصة.
 
- 8-
لقد أثار مهرجان دمشق للفنون المسرحية والندوات التي أقيمت على هامشه مختلف المشكلات التي تواجه تقدم المسرح العربي، وهو ما فعله مؤتمر المسرح في الوطن العربي (دمشق 15- 22/5/1973)، وندوة الحمامات بتونس (25- 30 أيار1970)( ). وفي حين أشار بعضهم إلى أن بعض أزمة المسرح تكمن في تشابك الرؤى المسرحية، والعجز عن مثل هذه الرؤى( )، نطر كثيرون إليها في إطار الأزمة العامة سواء في النص أو في علاقة الدولة بالمسرح، والصحيح أن معاناة المسرح داخله وجه آخر لمعاناته خارجه.
 
وإذا ما تجاهلنا الأمنيات الكبيرة، فإن استمرار الحفاظ على ما تم إنجازه يبدو مهمة وطنية، إن المسرح هو فن التواصل مع الجماهير قبل أن يكون فناً راقياً ومن شعبيته تنبع قيمه الثقافية والتربوية. ويحدثنا أغلب المهتمين بشؤون المسرح عن هذه الشعبية التي تجذب الجماهير إليه، وقد يغفل العاملون فيه زمناً عن الأهداف، ولكنهم قطعاً سيعودون إليها بأساليب أكثر نجاعة وبحماسة فائقة، وبعد حرب تشرين عام 1973 اكتشفت المسارح العربية فجاءة أن ما تقدمه لا يصلح للجماهير، فغيرت عروضها لتلائم الأوضاع الجديدة.
 
إن الحساسية السياسية والاجتماعية تطغى على أعمال طلائع المسرح العربي، وتعطي بحث المسرح القومي عن جذوره في تاريخ الشعب العربي وحياته أهمية تاريخية. وما الالتصاق بروح الشعب أو تراثه إلا شكل من أشكال هذا البحث. إن المسرح العربي المعاصر ظاهرة حية في حياتنا من خلال توجهه الوطني أولاً، ومن خلال بحثه الدؤوب عن مسرح متميز ثانياً مما دعا فصيلة المسرح العالمي إلى القول: «وإذا كان رجال المسرح في الوطن العربي يحاولون اكتشاف شكل في المسرح، بناؤه مختلف عن القصائد والشعائر، فلأنهم يعملون في سرعة فائقة»( ).
 
-9-
إن حاضر المسرح العربي يعني البحث في شؤون المثاقفة والتأصيل وشجونها أيضاً، وفي هذا المجال، سأكتفي بالتعليق على مجهودين الأول لعبد الكريم برشيد والثاني لعلي عقلة عرسان لأهميتهما في توضيح الموقف النقدي من قضية المسرح العربي نظرية وممارسة.
 
ينخرط مجهود عبد الكريم برشيد في إشكالية المثاقفة، فهو ينظر للمسرح العربي من منطلق تجديد الظاهرة على نحو تجريبي. بينما يتوجه علي عقلة عرسان إلى وضع الظاهرة في إطارها التاريخي، لأن وعي الذات هو محك التأصيل والمعاصرة في الوقت نفسه.
 
يسمي برشيد اتجاهه بالواقعية الاحتفالية، فالشيء الأساسي بالنسبة إليه هو خلق احتفال، خلق تظاهرة فنية مسرحية. ويقول: «إنني أحاول أن أميز بين نوعين من التجريب هما: التجريب المختبري، والتجريب الميداني، ذلك أن أوربا عرفت مجموعة من المسارح الصغيرة التي تسع مائة كرسي والتي تقدم لجمهور نخبوي ضيق والتي تحاول أن تقدم تجارب مخبرية على المستوى المحدود، ولكن هذه التجارب لا يمكن أن توافق المجتمع العربي. وفي المقابل، فإني أدعو إلى تجريب آخر، تجريب ميداني ينزل إلى الناس، يحاول أن يدرس لغة الشعب وتراثه وروحه وعقله من أجله أن يوجد هذه القاعدة أو هذه القنطرة التي يمكن أن توصله إلى الآخرين، والشيء الذي يمكن مشاهدته هو هذا الانفصام الحاصل بين المبدعين في العالم العربي وبين القراء والجمهور بصفة عامة، وحتى نحدّ من هذه الهوة فلابد إذن من إعطاء فن يراعي عقلية الشعب العربي ويراعي ظروفه التاريخية والمجتمعية والاقتصادية». ومن جهة أخرى، يحاول برشيد أن يوظف التراث توظيفاً جديراً يعتمد على اتخاذ الشخصيات التراثية مجرد أقنعة، تخفي خلفها مجموعة من القضايا وبذلك «نستطيع أن نجد شخصيات مثل عطيل وقراقوش وشهريار وزرقاء اليمامة وسواها من الشخصيات، هذه الشخصيات: التي تصبح كمعادلات مسرحية لأشياء أخرى، فعطيل هو المعادل المسرحي لكل إنسان العالم الثالث، وهذا الإنسان الذي نجده حالياً في المناجم الأوروبية، وفي معامل السيارات، وكأجير حقير في الغرب، والذي وجدناه كمرتزق في الحرب العالمية الثانية عندما فرض الاستعمار الفرنسي على أبناء أفريقيا أن يحاربوا في فيتنام أو ألمانيا. لذلك فقد وجد الإنسان المغربي أو إنسان شمالي أفريقيا نفسه يحارب الفيتنامي ويحارب شعباً ينتمي إلى قدره نفسه وإلى ظروفه التاريخية نفسها.
 
كذلك، فإنني أسعى إلى إيجاد واقعية احتفالية، أي إلى نوع من السوريالية التي تحاول أن تصور الواقع من خلال مجاوزته، لأن الفنون أساساً تقوم على هذا التحدي، تحدي قانون السببية، قانون الجاذبية، تحدي القوانين السياسية، فالتحدي هو الشيء الأساسي في الفن المسرحي أو في الاتجاه الذي أدعو إليه. إذا أخذنا الفنون الشعبية فإننا نجد أن الساحر دائماً يحاول مجاوزة الواقع من خلال إعطاء صفات جديدة لأشياء جاهزة فيحول الحمامة إلى منديل. من هنا، كان المسرح ينهض من عملية كيماوية فيحول فيها الأشياء إلى أشياء أخرى باعتبار أن الكتابة المسرحية كالتخطيط الخرائطي يقوم على تكوين نسبة معينة، إيجاد رموز معينة، لأن الجبال كما هي في الواقع تتحول على الخريطة إلى مربعات أو دوائر أو مثلثات وغير ذلك. لابد للمسرح أن يقوم على المعادل المسرحي، أي أن يحول الأشياء المادية إلى رموز وأقنعة حتى يمكن أن تتواصل مع الجماهير.
 
إن مجهود برشيد يصب في موجة اليأس الذي غمر غالبية المسرحيين العرب، فأشاحوا عن الماضي إلى الانخراط الكلي في تجربة الغرب المسرحية المأخوذة عن إنجاز المسرح اليوناني، وهكذا، انتصرت فكرة «المثاقفة» في تقديم مسرحيات حسب المفهوم الأوروبي، وخفت صوت التأصيل قبولاً لواقع الحال، وشاع رأي مفاده أننا ندور في حلقة مفرغة، واكتملت الدائرة في إعلان العجز هنا وهناك عن الهدف ألا وهو خلق مسرح عربي أصيل( ). وما فعله برشيد هو تجميل واقع الحال بنبرة تراثية ممزوجة بإيقاع عصري. على أن باحثين آخرين لم يركنوا إلى الصمت، فصدر كتاب لمستشرقة سوفييتية رأينا فيه جهداً كبيراً هو دفاع عن الثقافة العربية وأصالة المسرح العربي على الرغم من تكريسه لمتواتر القول لدى المسرحيين العرب، ومن اشتغلوا في تاريخه، عن المسرح العربي، أمثال محمد يوسف نجم وسلمان قطاية، فصح فيه القول: إن بضاعتنا ردت إلينا( ).
 
انتهى علي عقلة عرسان في هذا الوقت بالذات، سنوات السبعينيات، من البحث في «الظواهر المسرحية عند العرب» إسهاماً في تجلية الصورة الغائمة التي شاهت ملامحها على أقلام الدارسين، وفي آراء الباحثين، إذ لم يتوافر لهذه القضية من يعود إلى الأصول ويستنطقها المسار التاريخي الذي ينفع في وصل ما انقطع، وفي إقامة الدليل تلو الدليل على مسيرة إمكانية مسرحية لا تزال غائصة في بطون الشواهد والمصادر المختلفة. يؤكد عرسان وجود الظاهرة المسرحية، «ولكنها لم تتطور كما حدث لبدايات ظاهرة المسرح في اليونان، التي شكلت بعد تطورها المسرحية اليونانية من تراجيديا وكوميديا، وأصبحت الآن، الشكل الدرامي العالمي».
 
ويرى عرسان أن الأسباب كامنة في طبيعة الثقافة العربية والإنسان العربي، «لأن لكل شعب أسلوبه في التعبير والتوصيل والفرجة، في التأثر والتأثير والنقل، وفي الوصول إلى المتعة والمعرفة.. وليس للفن قوانين العلم الصارمة التي لا يختلف عليها اثنان في العالم.
 
وهكذا، استجلى عرسان الظواهر المسرحية، محللاً حيناً، ومقارناً مع غيرها في تجارب الأمم والشعوب حيناً آخر حيث ينكشف المسار النقدي عن التطور داخل الظاهرة إلى تكاملها واستيعابها لعناصر المشهدية المسرحية من فئة المنذرين إلى فئة القصاصين وأصحاب الحكاية وأهل المقامات إلى مسرحية الرؤيا في الإسراء والمعراج ورحلات المتصوفة إلى حلقات الذكر الصوفية إلى الاحتفالات الجماهيرية المتنوعة مثل عاشوراء والتعزية واحتفالات المولد النبوي، والسيارة وموسم جمعة برزة أو خميس المشايخ، وأعياد النيروز، والقصاصين الشعبيين، والكرك أو الكرج وهي استخدام لأنواع من المحاكاة والتمثيل( ). وبعد هذه التجلية للأصول، تتضح حدود التراث المسرحي العربي، وتتضح قابلية التطوير، وهذا يعني أن الوعي بالتاريخ في أساس النهوض المسرحي.
 
إن استعراض المشهد المسرحي العربي يقودنا إلى النتيجتين التاليتين: الأولى: مجاوزة جهود التأصيل حدود إعادة التراث إلى وعي جوهر استعادته لأن المهم هو وعي الظاهرة من أجل تطويرها والثانية: اتساع الموقف النقدي الشامل من الغرب نحو تقويم العلاقة معه (المثاقفة)، وهذا واضح في الحوار الدائر حول الاستشراق عموماً، وحول تراجع المؤثرات الأجنبية لصالح المؤثرات الثقافية عن أصالة.
[مجلة «الموقف الأدبي» (دمشق) حزيران 1982]
--------------------------------------------------
المصدر : كتاب "المسرح العربي المعاصر قضايا ورؤى وتجارب " تأليف د.عبد الله أبو هيف
الفنان محسن النصار
الفنان محسن النصار
مدير هيئة التحرير

الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 3277
تكريم وشكر وتقدير : 5358
تاريخ الميلاد : 20/06/1965
تاريخ التسجيل : 12/10/2010
العمر : 58
الموقع الموقع : http://theatermaga.blogspot.com/

https://theaterarts.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

مُشاطرة هذه المقالة على: reddit
- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى